فوائد جذور العرق السوس لصحتك

طرابلس في عهد فرسان القديس يوحنا






طرابلس في عهد فرسان القديس يوحنا


فرسان القديس يوحنا في طرابلس : في 18 صفر سنة 929هـ / يناير سنة 1523م ، غادر فرسان القديس جزيرة رودس إلى إيطاليا بدعوة من البابا كليمنت السابع ، في حين رأى رئيس المنظمة الأب فيليب أن يطلب إلى شارل الخامس إمبراطور المملكة الرومانية منحه جزيرتي مالطة وقوزو ؛ لأنهم رأوا أنهما أليق مكان لغزو البلاد الإسلامية . وهنا سنحت الفرصة لشارل للتخلص من طرابلس التي طالما تحين لها الفرص ، فقبل طلب الفرسان على شرط أن يقوموا بالدفاع عن مدينة طرابلس . 
ووافق مجلس منظمة الفرسان على الوثيقة القيصرية في 25 من يوليه سنة 1535م ، وجاء وفد منهم إلى طرابلس ؛ ليستلم المدينة من واليها "فرديناند ألركون" . وإلى هنا انتهى حكم الأسبان في طرابلس ، بعد أن دام عشرين سنة لم يتجاوزوا فيها أسوار المدينة ، وقاسى فيها الطرابلسيون شر ما يقاسيه محكوم من حاكم . 
تسلم فرسان القديس يوحنا طرابلس في المحرم سنة 942هـ / يوليه سنة 1535م ، وعينوا عليها واليا هو القسيس "جسباري دي سنقوسا" ، وهو أول والٍ من هذه المنظمة على طرابلس . واستولى الفرسان على زنزور والمنصورية والماية والحشان والزاوية وصبراتة ، وكانوا يجبون أموالها ويفرضون عليها المغارم ويأخذون رهائنها خوف الانتفاض عليهم . وقد اضطر أهل الجهة الغربية للخضوع ؛ لأنهم في طريق الجيوش التونسية التي كانت تأتي لنصرة فرسان القديس على طريق البر ، بخلاف الجهة الشرقية التي احتفظت بنفسها بواسطة مشايخها . 
معاهدة مراد آغا مع فرسان القديس يوحنا : وقد وجد مراد آغا معاونة فعالة في محاربة فرسان القديس ، وبعث أمير تونس إلى والي طرابلس يطلب منه صداقة منظمة القديس يوحنا وعقد معاهدة صداقة ودفاع معها ، فرد عليه أنه سيستشير حكومته ويرجوه ألا يرسل معونة إلى العرب بتاجورة حتى تتم المعاهدة بين مؤسسة القديس وبينه . 
احتلال تاجورة : بلغت أخبار هذه المعاهدة خير الدين برباروسا ؛ فجهز أسطولا ونزل على تاجورة واحتلها سنة 937هـ ، وطرد منها أنصار الحسن أمير تونس ومؤيديه . وأبقى في تاجورة أحد قواده ، واسمه خير الدين كرمان ، وأبقى معه أيضا بعض القطع الحربية وجنودا وأسلحة . وكانت مياه تاجورة غير صالحة لرسو السفن ؛ فأسرع كرمان لإعداد حوض فيها لسفنه ، وبنى برجا ؛ ليدافع به عن السفن الراسية في هذا الميناء . 
وأعلن خير الدين كرمان الحربَ على الفرسان في البر والبحر ، واستولى على سفينتين للفرسان بكل ما فيهما ، وضعف نفوذهم خارج السور ، وامتنع سكان زنزور وغيرهم من دفع الضرائب وتخلصوا من حكم الفرسان . 
أمير تونس يزحف على طرابلس : سمع الحسن أمير تونس بأعمال خير الدين في تاجورة ؛ فجهز جيشا في شهر جمادى الآخرة سنة 938هـ ، يناير سنة 1532م ؛ لمحاصرة تاجورة وقاده بنفسه . وقد تأكد للحسن من مساعدة فرسان القديس بالمدافع والعتاد الحربي بناء على وعدهم إياه بهذه المساعدة . وزحف الحسن على طرابلس وحاصر جيش خير الدين في زواغة وتاجورة وعند البرج القائم على الميناء ، وبعث إلى والي طرابلس يطلب منه وفاء الوعد بالنجدة ، فلم يفِ بوعده . وجاءت نجدة إلى خير الدين كرمان من برباروسا ، وبلغ عدد أسطوله في تاجورة 15 قطعة كبيرة ، واستطاع كرمان أن يدافع عن تاجورة . 
خير الدين يدافع عن طرابلس : جاء خير الدين برباروسا في حملة كبيرة لنجدة تاجورة ، ونزل على صفاقس أولا واحتلها في شوال سنة 940هـ ، أبريل سنة 1534م . وعلم الحسن بهذه النجدة ؛ فرحل عن تاجورة ، وذهب لملاقاة خير الدين في صفاقس ، وانكسرت حملة الحسن وخاب فأله . وخاف الفرسان من تقدم كرمان إلى طرابلس فالتجأوا إلى إصلاح الحصون والقلاع ، وأعوزهم المال فأرهقوا الناس بالضرائب . وفي سنة 940هـ ، 1534م ، دعي بارباروسا إلى الآستانة ، وأسندت إليه قيادة الأسطول العثماني كله ، فازداد خوف الفرسان ، وخرج بارباروسا بأسطوله على سواحل إيطاليا ، واحتل تونس ، وعين حسن آغا على قسم من الأسطول وارسله إلى طرابلس . 
رجع كرمان إلى تاجورة - بعد رحلته إلى صفاقس - وانضمت إليه القبائل الطرابلسية ودفعت إليه خراج أراضيها وضرائب أشجارها وحيواناتها ، وضرائب تجارتها . وحاصر طرابلس ، وضيق على أهلها حتى أصبحوا لا يقدرون على فتح الأبواب . وانتشرت قوات خير الدين حول طرابلس . وبنى قلعة على بعد ميل من سور المدينة إلى الجنوب ، وكانت تعرف بقلعة القائد ، وكانت بالظهرة ، ونصب عليها المدافع ، وكانت قنابلها تصل قريبا من الأسوار وتضايق الفرسان من هذه القلعة أشد المضايقة . وتهيأ كرمان لاحتلال طرابلس ، وكان ذا عزم وقوة إرادة ، وحشد جنده ورجاله ، وانضم إليه المتطوعون من لماية وزنزور .
بداية المعركة : تقدم الجيش نحو أسوار المدينة ومعه حملة السلالم ، ونشبت الحرب ، واختلطت أصوات التكبير والتهليل بأصوات البنادق والمدافع ونصبت السلالم على الأسوار ، وحمي وطيس الحرب . وضاقت الدنيا في وجوه الفرسان وظنوا أن لا مناص من الأسر أو القتل ، وكادوا يرفعون الأعلام البيضاء علامة الاستسلام . وفي آخر لحظة واتاهم النصر بسبب انتشار خبر وفاة خير الدين بين الجنود ؛ فأخذوا يتسللون تاركين مواقع الدفاع ؛ ليتحصنوا بقلعة الظهرة ، وكسب الفرسان المعركة . 
وصول المدد إلى فرسان القديس من مالطة : وصل المدد من مالطة ، وأمكنهم من طريق التحايل وبث الفتنة بين سكان المنشية ، أن يستميلوا بعضا منهم ، وانضموا إلى صفوفهم ، وجاءوا أفواجا وملأوا الميادين ؛ ليحاربوا إخوانهم . وتقدم جيش الفرسان نحو قلعة القائد بالظهرة ، ورابط جيش خير الدين في قبيلة أبي دبوس . ولم يحاول كرمان أن يتعرض لزحف الفرسان وخلى بينهم وبين القلعة ، فاشتد الحصار عليها ، وأيس المحاصرون من إغاثة خير الدين ؛ فاستماتوا في القتال ، وأبوا الاستسلام فنسفت القلعة بمن فيها ، وذهبت أجسامهم في الفضاء تذروها الرياح . ورحمة الله ورضوانه على من أدى للوطن واجبه . 
ولم يبق أمام الفرسان إلا خير الدين الذي يعسكر في قبيلة أبي دبوس ، التي تبعد عن المدينة بخمسة أميال ، فانتقل من مكانه إلى تاجورة ، وتقدم الفرسان إلى هذه القبيلة فنهبوها وأسروا من فيها ، وأضرموا فيها النار . وإلى هنا انقطعت أخبار خير الدين كرمان ، ويقال إنه قتل في هذه المعارك . 
___________________________ 
المراجع : 
- تاريخ الفتح العربي في ليبيا ، للزاوي .

تعليقات